صنم الوطنية

الحمد لله رب العالمين ،

والصلاة والسلام على إمام الموحدين

أما بعد:

فإن الله أمر بالبلاغ فقال:

وقال:

ما يتعرض لها إلى مخبول!!

اللهم سلم سلم

وعليه:

فقد حُق البيان على مَن علم

والناس في هذا الزمان –إلا من رحم الله- عبدوا مع الله أصناماكثيرة ولم يعرفوا أنها أصنام لكونها غير منحوتة من صخر كالتي كانت تُنحت قديما!!

ومما عبدوا من دون الله –تعالى- في هذا الزمان

*الأوطان*

نعم .. نعم

لا عجب!!

فقد عبد كثير من الناس *أوطانهم* مع الله تعالى

وإليك بيان ذلك

قال الله –تعالى-:

تأمل:

الأولياء جمع: *وَلِيٍّ*

فما معنى كلمة *ولي* فهي تتردد في القرآن والسنة كثيرا جدا ويجب أن نعرف معناها

الوَلِيُّ:

هو الحبيب والنصير

فمعنى الآية:

يا أيها الذين آمنوا اجعلوا حبكم ونصرتكم لمن اتصف بالإيمان

وأخبرنا الله –تعالى- بأننا لو لم نجعل نُصرتنا للمؤمنين وحدهم فإن الفساد سَيَعُمُّ الأرض

قال تعالى:

يقول تعالى:

وإن لم تجعلوا حبكم ونَصْرَكُم للمؤمنين فسوف تقع الفتنة في الأرض ، وينتشر الكفر لأنكم إذا لم تنصروا المؤمنين فإن أهل الكفر سيغلبونهم ويسلبونهم أموالهم ويُخرجونهم من أرضهم

ويقتلون أبناءهم ويستحيون نساءهم

فاحفظ هذا جيدا ، ولا يَغب عن قلبك طرفة عين أبدا

لمَن تصرف حبك ونصرك وقوتك وعونك؟

لمن اتصف بالإيمان

وقال تعالى:

انظر!!

كيف يكرر الله تعالى هذا ليكون راسخا في قلب كل مسلم

والشيء إذا تكرر تقرر

ويأمر الله –تعالى- في الآية بأن نجعل حبنا ونصرنا لله –تعالى- ، ولرسوله ، وللمؤمنين فقط

نعم

كيف تجعل هذا لله ولرسوله؟

تنظر:

أين أمر الله –تعالى- أن نضع النصر والحب ثم نضعه حيث أمرنا...

وقد علَّق الله –تعالى- هذا الأمر على وصف واحد فقط

نعم

وهو الإيمان

فمن اتصف بالإيمان وجب نصره ، ووجبت محبته ، ومده بالمال ، والرجال

وليس هذا تفضلا منا!!

لا

بل هو حقه بما اتصف به من الإيمان

وأما الكافر:

فلا والله

ما له من النصر مثقال ذرة

وما له في القلب إلا البُغض

وهذا في القرآن الكريم كثير جدا

ونكتفي بهذا تجنبا للإطالة

لكن نذكر شيئا يسيرا مما جاء في السنة ليتبين مَن يريد الحق أن دلالة السنة في هذا لا تختلف عن دلالة الكتاب

وإليك بيان ذلك:

أخرج البخاري ومسلم من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال:

في الحديث:

تعليق ذَوْق حلاوة الإيمان على ثلاثة أشياء ، ومنها:

أن يحب المرء لا يحبه إلا لله

فالحب لا يُصرف إلا لمن أحبه الله

ومن الذين يحبهم الله تعالى؟

وهذه صفات المؤمنين

فالله تعالى لا يحب إلا المؤمنين فقط

نعم

وأما الكفار:

فليفهم هذا مَن أراد النجاة من النار:

لن يذوق أحد طعم الإيمان إلا إذا أحب في الله وأبغض في الله

فيجب علينا أن نحب من يحبه الله ، وأن نبغض من يبغضه الله

وأن ننصر من يحبه الله فقط

قف هنا وتأمل مَليَّا!!

على أي شيء رتب الله ورسوله الحب والنصرة؟

على وصف الإيمان فقط

هل ذكر جنسا مُعينا؟

هل رأيت لونا خاصا؟

لا!!

ليس إلا الإيمان فقط

نعم

لا ينصر أحدٌ أحدا من أجل هذه الأمور إلا وفيه من صفات الجاهلية ما فيه!!

نعم

جعلوه صنما يعبدونه مع الله

وهل تظن أن العبادة هي السجود والركوع فقط؟!!

واهمٌ أنت إن ظننت ذلك

العبادة هي:

كل عمل أو قول يحبه الله –تعالى-

فالصلاة يحبها الله فهي عبادة

والزكاة يحبها الله فهي عبادة

والحكم بالشرع يحبه الله فهو عبادة

وحب المؤمن ونُصرته يحبهما الله فهما عبادتان

والمسلم يُحب الله –تعالى- فيُحب من أحبه الله وينصر من أمر الله بنصره

وأما الآن إلا -مَن رحم الله-:

فالناس لا ينصرون ولا يحبون إلا مَن كان داخلا في حدود ما يسمونه *وطنهم*

وما حدث خارج هذه الحدود فهو قضية لا تعنيهم!!

نعم

هذا حال أكثر الناس اليوم

وإذا دخل مسلمٌ بلدا أخرى غير التي يعيش فيها سَمَّوْه أجنبيا!!

أجنبي عن ماذا؟!!

وفي أي آيةٍ أو حديث جاء ذكر الوطن؟!!

لا يوجد!!

ذلك صنم نحتوه للناس في هذه العصور ليفرقوا به المسلمين

وقد عبد هذا الصنم أكثر الناس

فترى كثير منهم يقول:

نحن فداء الوطن!!

أي وطن يا مسكين؟!!

أتُقتل في سبيل حدود ما أنزل الله بها من سلطان؟!!

خدعوك فقالوا: وطن!!

وفي الحديث:

هذا فقط من يكون خارجا في سبيل الله –تعالى-:

أما من قاتل ليكون وطنه هو الأعلى فهو في سبيل الشيطان

نعم ، وإن غضب مَن غضب!!

في أي زمن كانت تلك الحدود:

أفي عهد النبوة أم عهد الصحابة أم التابعين أم مَن تبعهم؟!!

تلك الحدود ليس لها إلا سنوات قليلة .. لكنهم نحتوها في قلوب الناس كالنحت على الصخر!!

وخدعوا الناس بها فزعموا كاذبين:

والحق:

يدخلها المسلم متى شاء ، ويخرج متى أحب

يشتري ما شاء فيها بماله ، ويبيع ما أراد من متاعه

لا يسأله أحد مالا لبقائه فيها

وإذا أُصيب مسلم بشوكة في أبعد البلاد عنا وجب أن يَهُبَّ إليه أقرب المسلمين إليه لنجدته

فإن استطاع نزع الشوكة فالحمد لله ، وإن لم يستطع أعانه من بعده .. وهكذا

ولو صرخ مسلم صرخة ألم واستنصر المسلمين وجب عليهم القيام له ، ولو كلَّفنا ذلك إعداد الجيوش

ودق الطبول ، ورفع الرايات ، ونعادي من عادى أخانا المسلم ونوالي من والاه

ونشعلها نارا تحت قدم من كان سببا في صراخ المسلم ...

وأما الآن:

فوأسفاه!!

فلْتَبْكي البواكي على حالنا!!

ما من بلد إلا ولنا فيه

نعم

وقع هذا مرارا ونحن نائمون

بل استعرضوا به وما حركنا ساكنا

لأنه خارج وطننا!!

وإذا صرخت في الناس:

هُبوا لنجدة إخواننا قال قائلهم:

الحمد لله على نعمة الأمن والأمان .. اللهم لا تُبدل حالنا

أي أمن هذا ؟ .. وأي أمان؟!!

ويقول لك:

وهل سيأتي يدافع عني إذا دافعت عنه؟

فليدافع عنه أهل بلده

أُفٍ لكم ثم أُف

هذه بقايا الجاهلية لم تَزُل بعد!!

وتراه يردد:

لا أحب الأجانب!!

لا أزوج من خارج وطني!!

لا أعتد بمَن ليس له قبيلة!!

الأسود من العبيد!!

وبذلك تفهم:

لماذا قاموا بتقسيم بلاد المسلمين إلى دُويلات صغيرة

ولماذا جعلوا لكل دولة جيشا مستقلا

ولماذا جعلوا لكل بلد قانونا خاصا

ولماذا لا يدخل المسلم بلاد المسلمين إلا بإذن خاص يسمونه *تأشيرة*

لنبقى متفرقين شراذم .. لا قوة لنا

وتفكر:

ماذا يحدث لو أَننا اجتمعنا على شيء واحد وهو *لا إله إلا الله*؟

أما والله:

لو كان ذلك لهابنا عدونا ، ولخضع لنا أهل الأرض أجمعون ...

فانظر لنفسك يا عبد الله .. ودع عنك أمور الجاهلية فإن الله أذهبها عنا بنعمة الإسلام ..

اللهم ارزقنا نعمة التوحيد تامة غير ناقصة .. وأنعم علينا بالاجتماع والأُلفة

وطهر قلوبنا من شوائب الجاهلية . .. واجمعنا على الحق

اللهم أظهرنا على عدونا ..

وصلى الله على خير الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم ، وعلى آله ، وأصحابه أجمعين.