اجتهاد في تفسير سورة نون

من طرف سميح الثلاثاء فبراير 09, 2021 7:31 pm

بسم الله ، والصلاة والسلام على رسول الله..

لي اجتهاد في تفسير سورة القلم (نون)..

بسم الله الرحمن الرحيم

{ نون ، والقلم وما يسطرون }
حرف النون يتعقد عند سحر المؤمن. والسحرة يكتبون في ورقة ليستعينوا بالجن في السحر.
وسورة نون يتحدى بها الله كل من يقول عن نبيه بأنه مجنون.

{ ما أنت بنعمة ربك بمجنون }
ربنا اصطفى سيدنا محمد بنعمة الرسالة ، فهو "محمد" وهو مصطفى.
والذي سماه محمد رؤيا متكررة كانت تأتي لأمه آمنة ، حيث في كل شهر من حملها كان يأتيها نبيٍ معين ، ويبشروها بخير البشر ، ففي أول شهر أتاها آدم ، وفي الأخير أتاها إسماعيل -عليهم السلام-.

{ وإن لك لأجرا غير ممنون }
كما قال علماء التفسير أن لكل مؤمن نصيب في آيات النبي -ص- ، فللمؤمن في الآخرة أجر لا يُسأل عنه ، جزاءًا لما عمل في الدنيا.

{ وإنك لعلى خلقٍ عظيم }
ربنا اسمه الرب ، وهو مشتق من التربية ، والله سبحانه ربّى نبيه على خلقٍ عظيم.

{ فستبصر ويبصرون }
- (فستبصر) : النبي -ص- سيتيقن من نفاق هؤلاء ، كيف يقولون بأنه ساحر ومجنون وهم مؤمنون برسالته.
- (ويبصرون) : سيبصر هؤلاء العذاب الذي أنذرهم به النبي -ص-.

{ بأيكم المفتون }
سيتيقن نبينا -ص- بنصرة ربه عز وعلا ، وعندها سيذوق من عاداه طعم الهزيمة.

{ إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله ، وهو أعلم بالمهتدين }
الهداية شرط النصر. والله سبحانه يخاطب النبي -ص- أن يطمئنّ قلبه بعلوم الله.

{ فلا تطع المكذبين }
ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم.

{ ودوا لو تدهن فيدهنون }
أوحى الله لعيسى -ع- بإن لم يكن في قلبك بغض لأعدائي فلا جنة لك ولا ولاء لك. والكفار حول النبي الكريم -ص- يطمعون بميول قلبه لهم.

{ ولا تطع كل حلافٍ مهين }
المدهن يقسم بحبه لك.

{ همازٍ مشاءٍ بنميم }
قارن بين خلق النبي وخلق هؤلاء. والهماز هو من يذم الناس ويشير لهم بالإهانة.

{ مناعٍ للخير معتدٍ أثيم }
المشاء بنميم يريد قطع الخير عمن ينم.

{ عتلٍ بعد ذلك زنيم }
على ما أتذكر أن تفسير عتل هو السباب ، بينما وُصف هنا بأنه ابن زنا.

{ أن كان ذا مالٍ وبنين }
هذه مقدمة لقصة أصحاب الجنة.
وهو يفتخر بما أوتي من مال وأولاد وينظر بأنه فوق النبي -صلوات الله عليه-.

{ إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين }
النبي -ص- وحده آية. وفي هذه السورة قالوا عنه ساحر ومجنون.

{ سنسمه على الخرطوم }
سنجازيه بذنوبه (على ما أتذكر).

{ إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة ، إذ أقسموا ليصرمنّها مصبحين }
أن تؤتى مال وأولاد في زمن نبي ؛ ذلك ابتلاء واختبار لتصديقك بنبوته. وأصحاب الجنة اختُبروا بإيمانهم ، وأرادوا احتكار ثمارها لأنفسهم.
لذلك كان أبو بكر -ر- خير الصحابة.

{ ولا يستثنون }
فشلوا في اختبار عطية الفقراء والمساكين ، وهذا أمر إيماني من الله.

{ فطاف عليها طائفٌ من ربك وهم نائمون }
انظر ما أجمل كلام الله. كيف يقال عن نبينا بأنه ساحر ومجنون وهذا الكلام لا يأتي من قبل ساحر ومجنون.

{ فأصبحت كالصريم }
أصبحت متآكلة وذابلةٌ أوراقها (على ما أتذكر). وهنا اختبار وجودي كيف أن المطر وهم نائمون أفسد زرعهم.

{ فتنادوا مصبحين }
استيقظوا سعداء.

{ أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين }
هذا كلام ينبع من الأنانية وحب الذات والأثرة.

{ فانطلقوا وهم يتخافتون }
هذا مكر أهل السوء.
كأوكار الماسونية التي يتعبدون بها الشيطان.

{ أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين }
هذا الأمر بالمنكر.
لاحظ إلى حد الآن التشابه بين أطباعهم وبين أفعال كفار النبي -ع-. الأنانية ، والمكر بالنبي ، والأمر بالمنكر والصد عن سبيل الله. ومن الوصايا العشر التي بُني عليها الإسلام في سورة الإسراء {وآتِ ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل}.

{ وغدوا على حردٍ قادرين }
هذا مكر الله بالماكرين ، يدعهم في طغيانهم يعمهون ، ويستدرجهم من حيث لا يعلمون. حيث استيقظوا وقالوا لبعضهم {اغدوا} وبعد أن انتهى حديثهم أصبح حالهم {وغدوا}..

{ فلما رأوها قالوا إنا لضالون }
وصلوا جنتهم ووجدوا كسادها ، فشعروا بالضلال. وأي إنسان يغتر بدنياه ثم لا يجد مطامعه في محلها يحس بالضلال عن هدفه.

{ بل نحن محرومون }
هذا ظن الجاهلية بالله ، ظن السوء.

{ قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون }
مثل دعاء يونس في بطن الحوت. فتسبيح الله تجرُّد من حولك وقوتك.

{ قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين }
وكذلك ننجي المؤمنين.

{ فأقبل بعضهم على بعضٍ يتلاومون }
هذه من بركة الله ، أن تشعر بالندم من بعد الذنب.
وإن بحثت على الانترنت عن الندم بعد الذنب ، لوجدت أن وحدهما المسلمون والمسيحيون من يشعر بذلك من دون كل البشر.

{ قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين }
هذه التوبة ونجاعة الندم.

{ عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون }
هنا حل الإيمان في قلوبهم.

{ كذلك العذاب ، ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون }
حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس.
والنبي -ص- خرج ذات صباح إلى تلٍ ونادى قومه فخطبهم بأنه نذيرٌ بين يدي عذابٍ أليم.
- {لو كانوا يعلمون} : للأسف ذلك الصباح استنكرت قريش على خطبة النبي.

{ إن للمتقين عند ربهم جنات النعيم }
الترغيب بعد العبرة.

{ أفنجعل المسلمين كالمجرمين }
المجرمون من سبق ذكر طباعهم. والمسلم من أسلم للنبي. وقد تحدّث عن الإسلام فقال : إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق.

{ ما لكم ، كيف تحكمون }
ظن الجهلاء السوء بالقرآن.

{ أم لكم كتابٌ فيه تدرسون }
استهزاء بهم إذ يستهزؤون بالقرآن.

{ إن لكم فيه لما تخيَّرون }
كأنانية أصحاب الجنة. وغرور كفار النبي بالحكم والولاية على البيت.

هذه السورة تنحصر في الحديث عن النبي -ص- ، ونصيحتي لكل من تابع أن يصلي لله بعدها ويوفي حق العبودية.

{ أم لكم أيمانٌ علينا بالغةٌ إلى يوم القيامة إنّ لكم لَما تحكمون }
هل عندهم وعد من الله بأن الحكم والولاية لهم ؟ .. بل ذلك من حق النبي -ص- وآل محمد ، {وإذ ابتلى ابراهيمَ ربُه بكلماتٍ فأتمهن ، قال إني جاعلك للناس إماما ، قال ومن ذريتي ، قال لا ينال عهدي الظالمين.. ربنا وابعث فيهم رسولا يتلو عليهم آياتك ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم}.

{ سلهم أيهم بذلك زعيم }
تحدي الله ذي الجبروت.
قال النبي -ص- : " ينزل ربكم كل ليلة إلى السماء الدنيا ، فيقول أنا الجبار مالك الملوك ، أين جبابرة الأرض " ، أو كما ورد عنه -ص-.

{ أم لهم شركاء ، فليأتوا بشركائهم إن كانوا صادقين }
تحدي الله لعقول المشركين الجاهلة.

{ يوم يُكشف عن ساق ويُدعون إلى السجود فلا يستطيعون }
...

{ خاشعةٌ أبصارهم ترهقهم ذلة ، وقد كانوا يُدعون إلى السجود وهم سالمون }
...

{ فذرني ومن يكذّب بهذا الحديث ، سنستدرجهم من حيث لا يعلمون }
دفاع الله عن عبده الكريم وانتقامه منهم.

{ وأُملي لهم ، إن كيدي متين }
...

{ أم تسألهم أجرًا فهم من مغرمٍ مثقلون }
عقول...

{ أم عندهم الغيب فهم يكتبون }
استهزاء بعقولهم.. إذ قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء.. هؤلاء منافقون قلوبهم منكوسة لا تقبل الإيمان ، والمنافق شيطاني ، وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم..

{ فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت ، إذ نادى وهو مكظوم }
تعظيم الله لمقام النبي ليكن فوق مقام يونس -ع- ، حيث قال النبي فيما سبق : " لا تخيروني على أحدٍ من الأنبياء ، فأنا لست بخيرٍ من يونس بن متى ".

{ لولا أن تداركه نعمةٌ من ربه لنُبذ بالعراء وهو مذموم }
أنت إن تبت وتجلى الله على قلبك ؛ لا تُعِد الفضل لنفسك.. حيث يقول في سورة { ثم تاب عليهم ليتوبوا }.

{ فاجتباه ربه فجعله من الصالحين }
تأكيد لسبق فضل الله على من ينجز التوبة.

{ وإن يكاد الذين كفروا لَيزلقونك بأبصارهم لمّا سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون }
ختم السورة بتبيان نفاق من تنكر لنبوة سيدنا محمد وقال عنه ساحر ومجنون ، حيث ظهر تصديقهم باصطفائه إذ غارت نفوسهم منه وتملّكهم الحسد.
- {ليزلقونك} : كاف المخاطبة ، حيث قال له في أول السورة {فستبصر} -كما ذكرت-.

{ وما هو إلا ذِكرٌ للعالمين }
إخوتي.. الإنسان مخير أن يؤمن أو يكفر.. فإني أعظك ألا تكن ممن غلّف قلبه بعد أن سمع الذكر..
جاء عمر للنبي ، فسأله النبي أتحبني يا عمر ؟ فقال أحبك أكثر من أبي وأمي ، فسأله النبي أتحبني أكثر من نفسك التي بين جنبيك ؟ ، فقال لا ، فقال له النبي لم تؤمن بعد يا عمر ، فرد عليه ابن الخطاب أن يأذن له بالتفكر.. فذهب وتفكر ثم عاد ، فقال إني أحبك يا رسول الله أكثر من نفسي التي بين جنبيّ ، فقال النبي الآن يا عمر.

هل تعلمون ما حدث في خلج هذا الصحابي الجليل ؟ .. لقد توصل إلى أن النبي خيرٌ منه..

أخي القارئ ، أكثر من الصلاة على النبي..
قال أحد المفسرين المعاصرين عن قوله {وهو فيكم} ؛ أي في قلوبكم.. أنت إن آمنت بالله وجدت محبةً في قلبك للنبي..

***

وصلى الله على سيدنا محمد وسلم تسليما كثيرا..
والحمد لله رب العالمين

من طرف uzar1200 الجمعة فبراير 19, 2021 12:57 pm

المفسّر لكتاب الله تعالى يلزم أن تتحقق فيه جملة من الشروط بينها أهل العلم، وقد جمعها الأستاذ أحمد محمد معبد رحمه الله في كتابه "نفحات من علوم القراآن".

قال في ص125 : " شروط المفسر لكتاب الله تعالى ، قد ذكرها العلماء في عدة شروط ، نختصرها لك فيما يأتي:-

أولا: صحة العقيدة- لأن صحة العقيدة لها أثر كبير في نفس صاحبها، وما يتأثر به الإنسان يظهر في كلامه منطوقا ومكتوبا.

ثانيا: التجرد عن الهوى، فالأهواء تدفع أصحابها إلى نصرة مذاهبهم ، ولو كانت على غير حق.

ثالثا: أن يطلب تفسير القرآن بالقرآن، فإن بعض القرآن يفسر بعضه، فما أُجمل منه في موضع، فإنه قد فُصّل في موضع آخر، وما اختُصر منه في مكان ، فإنه قد بسط في مكان آخر .. وهكذا.

رابعا: أن يُطلب تفسير القرآن بالسنة النبوية، وذلك لأن السنة شارحة للقرآن وموضحة له، وقد ذكر القرآن الكريم أن أحكام الرسول صلّى الله عليه وسلم التي كان يحكم بها ، هي وحي من الوحي .

وقد بيّن ذلك القرآن الكريم في قوله تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ ) الآية.

ولهذا قال الرسول صلّى الله عليه وسلم ألا إنّي أوتيت القرآن ومثله معه أي السنة.

خامسا: أقوال الصحابة، لأنهم أدرى بذلك ، من مشاهدتهم للعديد من القرائن والأحوال والحوادث عند نزول القرآن الكريم، ولما لهم من خصوصية الفهم التام ، والعلم الصحيح ، والعمل الصالح ، مع الإخلاص الكامل لله ولرسوله.

وقد روى الحاكم في المستدرك : أن تفسير الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل على رسول الله صلّى الله عليه وسلم له حكم المرفوع .

ولأنهم هم الأمناء الأول على الرسالة الإسلامية ، وكان الواحد منهم إذا تعلم من النبي صلّى الله عليه وسلم عشر آيات لم يتجاوزها ، حتى يعلم ما فيها من العلم والعمل.

وكما ورد أن ابن عمر رضي الله عنهما (أقام على حفظ سورة البقرة ثمان سنين) أخرجه في الموطأ. وذلك لفهم أمر الله تعالى في قوله جل وعلا: ( كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ ) .

سادسا: أقوال التابعين، فإذا لم يجد التفسير في القرآن ولا في السنة ولا في أقوال الصحابة. فإنه يرجع إلى أقوال التابعين .

وقد رجع كثير من الأئمة إلى أقوال التابعين كمجاهد، وسعيد بن جبير، وعكرمة، وعطاء بن أبي رباح، وقتادة، والحسن البصري وغيرهم، ومن التابعين من تلقّى التفسير عن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين.

سابعا: أن يكون عالما باللغة العربية وفروعها، لأن القرآن نزل بلغة العرب، ولا بدّ للمفسر من معرفة مفردات الألفاظ عند الشرح ، حتى لا يقول في كلام الله تعالى ما لا يجوز ولا يليق.

وقد قيل في هذا "لا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتكلم في كتاب الله إذا لم يكن عالما بلغات العرب".

ثامنا: أن يكون عالما بأصول العلوم المتصلة بالقرآن وعلم التوحيد، حتى لا يؤول آيات الكتاب العزيز التي في حق الله تعالى وصفاته ، تأويلا يتجاوز به الحق والصواب .

كما يجب عليه أن يكون عالما بعلم الأصول، وأصول التفسير ، خاصة والناسخ والمنسوخ ، ونحو ذلك من العلوم التي تتعلق بالقرآن الكريم.

تاسعا: دقة الفهم- أو علم الموهبة- كما قال السيوطي في كتاب الإتقان، وهو الذي به يتمكن المفسر من ترجيح معنى على معنى آخر... " انتهى.

اجتهاد في تفسير سورة نون

اجتهاد في تفسير سورة نون

رد: اجتهاد في تفسير سورة نون