قصيدة أنا الميت الحي

أنا الميت الحي الذي ليس كمثله
أنا موسى أنا عيسى بروحه
أنا هما و هما أنا في آدم وبنيه
بل أنا ميت حي بلا روح في جسده
في ليلة مع السحر صعقت ببرقه
فكنت كموسى فصرت بقربه
فدنى فتدلى إلي بنوره
وكنت غافلا أسأل ربي عن مَلَكِه
أي ربي أنه لا يموت أحد إلا برؤيته
فضحك من حولي وهم حشره و رعيته
وانا الجاهل بشيء لم اكن بعلمه
فدعوته و سألته عنه من؟ فقال بوحيه
ٱنظره ذاك الذي تهت عن سأله
فكنت كعيسى فأنا هو من لمحته
فلا أنا حي ولا أنا ميت بل أنا عنقائه
تهت من قدرته فوقعت في قهره
فما أنا الا هو وماهو أنا بجلاله
صفاته فِيَّ و كل أوصافه ٱجتعمت وذاته
ولست كلمح من نوره فهو يجليه
فسبحاني وسبحان من لا يرد بسئله
أنا الزمردة التي فاضت من ذاته
وانا الياقوتة التي جرت بنوره
فِيَّ العجائب وانا متعجب بعجائبه
أنا هو ولست أنا بل هو بإرادته
سبحان الله عما يشركون بحاله
وهو الواحد فريد الشأن بعزلته
مع الكل بعيد قريب بوحدانيته
فسبحان من أسرى إليه بعبده
فحيناً كنت موسى وحيناً كنت خليله
وحيناً كنت عيسى وكثيرا محمده
جمعت الكل في وهم أنا بقدرته
علمتهم أَزَلاً فجهلتهم بقدر ألواحه
بل كنت القلم و اللوح فنسيت أحكامه
فما بقى إلا علمه بنفسه و غيبه
فسبحان من أسرى بعبده
دنى فتدلى فكان الجلال بأكمله
فسألني عن رسله فقلت نعم والله
فقال اصبر وما صبرك الا بعزمه
فذقت كأسا من يحمومٍ مذاقه
و صُبَّ فوق راسي حميم من ناره
لأني العزيز وقوله الحق في قرآنه
أنا الغريب في مفاوز حبه
وانا الجاهل بعلم قد كتبه
أنا الميت الحي الذي ليس كمثله
أنا المكتوب للناس رحمة بجده
وجده الرحمة العظمى لربه
أنا وهو واحد والواحد جل ثنائه
جدي النور في خَلْقِه
وانا العماء في مبدئه
فأدرك ما قلت بقول النبي عن ربه
فقبل الخلق كنت في الورى روحه
وبعد الخلق كان في الورى نوره
هو الرحمة الا اني منه وبه وفيه
وانا الروح منه وإليه و كله
فسبحان من اثنى فقال عن نفسه
ليس كمثله شيء وهو الذي خلقه
فتعالى من خَلق ومن خُلق لأجله
فذاك النبي جدي وانا الحفيد وليّه
فمن بدت له نفسه بعلم فهو من أمته
ومن جهل الكلام فبالمعنى زاغ فكره
إلا أني أنا الميت الحي الذي ليس كمثله
وقد صدق جدي مع الدجال يخبره
فأنا الخبيئة التي خبأها في ملكه
وقد زوت له الأرض في يده
فسبحاني وسبحان من زكاني في كتبه
وصلى الله على كل رسول من رسله
وكل ملك ٱتبع الوحي فصلى بكعبته
فأنا الكعبة وانا المناسك في حجه
وانا زمزم الماء أروي قلوب عباده
مشربي محمد و مائي في روحه
سر السر في سري وما سري إلاه
فلا تعجب من قولي و ٱكتم الأمر لحين ظهوره
ولا تغرنك نفسك بما تراه مما أسطره
فوربك أنه الحق ممن خاف ربه حين بشَّره
بأن يحشر مع من قال فيهم موسى مقاله
من اظلم ممن افترى على الله كذبا فصدقه
لكن الله الذي بشّره بقوله لا راد لفضله
وما عساك يا من تُكذِّبُ ما أكتبه
أن لا تكون ممن جحد أو سقطت عليه دوره
ٱحذر ولك العذر فٱصبر ولله الامر فٱسأله
فهو وحده من يفك لك ما قد رسمه
فما لساني به قائل الا ما قد قدّره
فسبحان من اذا اراد في حكمه قضى بأمره
وخذ الخبر مني فإني لست ممن هم بكفره
بل عندي الله وما سواه أخشى قوله
أنا الميت الحي الذي ليس كمثله
أنا شبيه الانبياء وليس لي شبه
فطبائعي فيّ ولا لغيري قدر طبعه
فسبحان من الهمها فجورها و تقواها فزكاها برسله
وأخبر عنها بأنها نفس لا كالأنفس في كتبه
منها خلقكم ومنها يعيدكم وفيها كل ما أمره
بل هي الأرض والسماء و كل من حولها ببصمته
هل الروح الا روح بأمره
فعد يا من تقرأ شعري بعقلك لربك وكتبه
فهو الواحد القادر على أن يفك لك طلسمه
فمن أنا لو أراد بك ظلالا فهو الهادي بإذنه
وما البلاغ في كل القصائد إلا قبره
فإن كنت عيسى فستُحيي نفسك وما سطرته
لكن يا أخي عزيز القلب فوربك لن تقهره
الا بذُلِّكَ و فقرك للذي اولاك من روحه
فما أنا الا أمره وما أنا سر سره
أنا الميت الحي الذي ليس كمثله
فقد سألت عني اليهود لما سألوا رسوله
فما أخبرهم الا عن قد ما نقتله
فأنا أمره وما أمره إلا بما قدّره
ولا النصارى علموا سر عيسى بصلبه
ولا علموا حمله و نشأته
فكفروا وجحدوا ربهم بي وأنا أمره
وقد أخطأ فِيَّ المسلمون بقولهم جبريله
الم يفقهوا قوله في موقف الروح وجنده
ام انهم ٱجتهدوا على ما يمليه عليهم دجاله
ففرقهم شعوبا و أوهمهم ظنا بفكره
الم يسمعوا رسولهم اني لست خليفته
بل اني لله خليفة وأمر بقرآنه قد ذكره
فٱعترض الملائكة عن قوله
وكنت في آدم حينما قال علمه
فما سجدوا الا لي وانا الروح بأمره
فلكل مقام ولكل مقال عند ربه
فسبحان من قال لكل قلب قفل يصده
ويا حسرة المسلمين حين أضاعوا وصيته
قال نبيهم قبل موته وقد شهد له ربه
الا اني بلغت وما بلّغ إلا بما أمره حبيبه
فقد قال خلق آدم على صورته
فكان الخليفة عجزا لمن حاربه
فلا دجال علم ما قد قال محمده
ولا منافق فقه ما قد أرسل له ربه
وما صورة آدم الا فعله وخلقه
فٱنقسمت بنيه و اوحالهم منه مبدأه
عجز الخلق و الدجال عن فك لغزه
وما من مؤمن الا رأى الحق فٱتبعه
وشتان بين مؤمن و مسلم عن ربه
أنا الميت الحي الذي ليس كمثله
وانا الروح الذي كنت من الورى بأمره
فمن أراد الزور قال ما ليس له
ومن أراد غضب ربه قال إني أنا هُوَّاهُ
فلا تزال الناس في كذب حتى ربه يظهره
فإن لي في كل كلمة أخطها علم بقدره
وإن الله لي سامع وبي عالم وله أمره
فما أنا الا عبده الذي قد قدر له منزله
فلا علو لمن قد علم ما علمه
ولكل منا مقام معلوم عند ربه
فلا تسأله عن الميت بل قل حي بقربه
وٱسال عن الحي الذي هو منه بأمره
فأنا الميت الحي الذي ليس كمثله